حسين صدقي
ولد حسين صدقي بحي الحلمية الجديدة بالقاهرة، أحد أحياء القاهرة الراقية في ذلك الزمان، في ٩ يوليه ١٩١٧ في أسرة عرفت بالتزامها الديني، ميسورة الحال، غير أنها لم تظهر عليها علامات الثراء، بل إن التزام الأسرة دينيًا كان له أكبر الأثر في ظهورهم بمظهر متواضع.
ظهرت عليه ملامح حب التمثيل وهو في سن صغيرة، وإن كانت تجلت أولاً في أسلوبه الخطابي وجرأته على مواجهة الجمهور حتى ولو كان من الزملاء في الحي أو المدرسة.
بدأ الفنان حسين صدقي حياته زبونًا دائمًا في قهوة راديو بشارع عماد الدين، ثم أصبح بعدها يقدم أدوار الفتى الأول منذ عام ١٩٣٣ على المسرح أولاً، ثم في السينما.
شاهده صديقه المخرج محمد عبد الجواد فشجعه على العمل في فرقة جورج أبيض على مسرح رمسيس. وظل يتنقل من فرقة مسرحية لأخرى، في الوقت الذي كانت السينما بدأت تلفت نظر نجوم المسرح الكبار وبدأوا يلتفتون لها على استحياء، مثل يوسف بك وهبي، ونجيب الريحاني، وعلي الكسار، إلى جانب من قدمتهم السينما من نجوم أساسيين لها منذ بدايتها، حتى جاءت الفرصة للفنان حسين صدقي عندما اكتشفته الفنانة أمينة محمد خالة الفنانة الكبيرة الراحلة أمينة رزق، وأنتجت له فيلمًا على نفقتها الخاصة وقدمته لعالم السينما من خلال فيلم "تينا وونج" إخراج أمينة محمد والذي تم تصويره فوق عمارة "ستيرنج" بمنطقة العتبة الخضراء بوسط القاهرة، وبعده بدأت انطلاقته الفنية في عالم السينما عام ١٩٣٧.
بدأ حياته السينمائية عام ١٩٣٥ في أفلام متواضعة حتى قام في عام ١٩٣٩ بدور البطولة في فيلم العزيمة في دور "محمد أفندي" مع فاطمة رشدي وأنور وجدي، وبقي هذا الفيلم الذي أخرجه كمال سليم مرجعًا للنقاد، لدرجة أنهم يؤرخون له ببداية الواقعية في السينما، كما يصنف فيلم العزيمة رقم واحد على قائمة أفضل ١٠٠ فيلم مصري في تاريخ السينما المصرية، وواحد من أهم أفلام السينما العالمية.
في عام ١٩٤٢ أسس شركه "مصر الحديثة" التي كانت باكورة إنتاجها فيلم "العامل" إخراج أحمد كامل مرسي عام ١٩٤٣، وتوالت أعماله من خلال شركته فقدم العديد منها، بل وخسر الكثير في سبيل إعلاء كلمة الحق والخير، ومن أجل قضايا المجتمع، فقد أنتج حسين صدقي مجموعة من الأفلام السياسية والدينية والاجتماعية ولكن معظمها مع الأسف لم ينجح تجاريًا.
من بين ما كان يفكر حسين صدقي في إخراجه قصة نبي الله يوسف عليه السلام، وأخذ رأي فضيلة الشيخ شلتوت آنذاك، فوافق على الفكرة، وحدد له موعدًا لمقابلة فضيلة الإمام الأكبر الشيخ المراغي، وعرض على شيخ الأزهر الفكرة، فوافق عليها، وقال له:"سأكون أول من يصفق لك ويهنئك"، ولكن الرقابة فاجأته برفض تنفيذ الفيلم، وعندما فكر في إخراج قصة الزعيم مصطفى كامل، وافقت الرقابة في ذلك الوقت غير أنها اشترطت عليه أن يحذف حادثة دنشواي وبعض مشاهد أخرى تعتبر عصب الفيلم، فرفض، ولم يخرج الفيلم إلا بعد قيام ثورة يوليه، غير أنه لم يكن لحسين صدقي، حيث قام ببطولته وجه جديد هو الفنان أحمد أنور، بالمشاركة مع الفنان محمود المليجي وحسين رياض، وماجدة.
عانى حسين صدقي كثيراً مع الرقابة والبوليس السياسي آنذاك قبل الثورة، بسبب تطرقه للعديد من القضايا والموضوعات المهمة والجريئة التي كانت تفضح الاستعمار والسلطة في ذلك الوقت، ومن أشهر أفلامه التي صودرت وأدخلته إلى السجن فيلم "يسقط الاستعمار"، فقد بقي