الحرب العالمية الثانية وأثرها في علاقات مصر الخارجية
· دارت رحى الحرب العالمية الثانية إيذانا بانهيار كافة الوسائل الدبلوماسية أمام دوي المدافع والقنابل، وقد كان تأثيرها على تمثيل مصر السياسي في الخارج بالغ الشدة، فقد استمر تدخل قصر عابدين في تعيينات وزارة الخارجية لتحقيق مصالحه.
جوانب الاستخدام الملكي للسلك الدبلوماسي المصري في الخارج:
· أشار (يوسف باشا ذو الفقار)، سفير مصر في طهران وصهر الملك فاروق، في الاتصالات التي جرت في إبريل ١٩٤١، بينه وبين (إيتل)، وزير ألمانيا المفوض في إيران، باسم الملك المصري وبتعليمات خاصة منه، إلى الموقف الذي وضع فيه فاروق نتيجة الضغط البريطاني المستمر عليه، وقد عبر (ذو الفقار) عن عطف مليكه على هتلر واحترامه له ولألمانيا، وعن أطيب تمنياته بالانتصار على بريطانيا،وصرح بأن الملك وشعبه يودان مشاهدة قوات التحرير الألمانية في مصر، لأن المصريين قد أيقنوا أن الألمان قد أتوا كمحررين لا كطغاة جدد مثل الإيطاليين.
· تلقى (إيتل)، في ٣٠ إبريل ١٩٤١، مذكرة موجهة إلى السفير المصري ردا على رسالة الملك فاروق، وقد أكد فيها (ريبنتروب)، وزير الخارجية الألمانية، أن حرب ألمانيا ليست موجهة ضد مصر أو أي بلد عربي، بل ضد انجلترا فقط، على عكس (موسوليني) و(هتلر) اللذان يرغبان في تحقيق استقلال مصر وكل العالم العربي، وجاء في المذكرة أن دولتي المحور تريدان طرد بريطانيا من الشرق الأدنى، وإقامة نظام جديد يقوم على مبدأ المصالح المشروعة لكل الشعوب.
· كان أخطر ما قام بإبلاغه (ذو الفقار باشا) إلى ألمانيا، فحوى رسالة من الملك فاروق، بتاريخ ٢٩ يونيه ١٩٤١، تضمنت تفاصيل دقيقة عن خطة بريطانية لاحتلال حقول النفط الإيرانية، وكانت بريطانيا ترى في هذه الخطوة أمرا حيويا لحماية مصالحها ضد أي غزو ألماني لإيران والعراق عن طريق الأراضي الروسية، خاصة وأن حكومة موسكو كانت تشكل مع الرايخ تحالفا آنذاك، وبالتالي أجبرت لندن (الشاه رضا بهلوي)، الذي كان يعلم فحوى رسالة فاروق، على التنازل عن العرش لأسباب صحية، وتم نفيه إلى "موريشيوس".
· اتصل الملك (فاروق) بألمانيا النازية عن طريق (علي بك سري عمر)، الوزير المفوض من الدرجة الثانية بوزارة الخارجية، الذي تقابل مع (علي ماهر)، وسلمه رسالة، بالنيابة عن الملك، لـ (هتلر) تحمل تأكيدات فاروق للزعيم النازي بصداقته للمحور وكراهيته لبريطانيا. وقد جاء الاتصال المصري بألمانيا، في مرحلة المد النازي في أوروبا، طمعا في الحصول على استقلال مصر من خلال احتمالات فوز المحور في الحرب، خاصة مع ما كان يتعرض له الملك من ضغوط بريطانية لا تسمح له بممارسة حكمه لمصر بشكل أكثر حرية واستقلالا.