حادث ٤ فبراير
٤ فبراير ١٩٤٢

كان حادث ٤ فبراير ١٩٤٢ له أثر بعيد في التطور السياسي لمصر، ولم تكن هذه الأحداث وليدة لحظتها، وإنما هي امتداد للأحداث الدولية التي بدأت في سبتمبر ١٩٣٩، على أثر اجتياح الجيش الألماني حدود بولندا في أول سبتمبر ١٩٣٩ والتي مثلت بداية للحرب العالمية الثانية، وفي ٣ سبتمبر من نفس العام أعلنت إنجلترا وفرنسا الحرب على ألمانيا بعد أن رفضت سحب قواتها من الأراضي البولندية.

التزم علي ماهر بموقف الحياد بالنسبة لدخول مصر الحرب إلى جانب بريطانيا التي اعتبرت أن إعلان الحرب من جانب مصر يتطابق تماما مع روح معاهدة ١٩٣٦، فاقترح لامبسون إقالة علي ماهر والبحث عن وزارة جديدة تكون أكثر تمثيلا للقوى السياسية المختلفة، فأخذ الملك يفكر في رجل يكون موضع ثقة السفير البريطاني ومن الأفضل أن تكون وزارة وفدية حيث تكون قادرة على التعاون مع بريطانيا، واستقر الرأي على حسن باشا صبري لكي يؤلف الوزارة الجديدة.
وفي يناير ١٩٤٢ كان الحكم لوزارة حسين باشا سري، الذي خلف حسن صبري، وكان حسين سري صديقا لإنجلترا، ولكن عانت هذه الوزارة من أزمات متلاحقة، كان أشدها خطرا أزمة التموين، كما أنها لم تعد موضع ثقة فاروق؛ بسبب أزمة حكومة فيشي، فاستقالت الوزارة، وعرض الملك فكرة تشكيل حكومة قومية برئاسة النحاس باشا، ولكن قام حسين سري بالسعي إلى التقارب مع السعديين وانتهى بتشكيل وزارة جديدة .

أصر السفير البريطاني على دعوة مصطفى النحاس زعيم الوفد الذي يحظى بتأييد الأغلبية، وفي صباح ٤ فبراير طلب السفير البريطاني مقابلة رئيس الديوان وسلمه إنذارا للملك فاروق، وبالفعل حضر السفير البريطاني ومعه الجنرال ستون، قائد القوات البريطانية في مصر، وفي صحبتهما عدد من الدبابات والعربات المصفحة التي حاصرت القصر من جميع الجهات، وتوجه السفير والجنرال ستون، ومعهما عدد من الضباط البريطانيين المسلحين إلى مكتب فاروق واجتمعا به، ولم يستغرق الاجتماع أكثر من عشر دقائق حتى كان فاروق قد قبل الإنذار بدعوة النحاس لتكوين وزارة وفدية.

وبالطبع كانت الطريقة التي فرضت بها حكومة الوفد على القصر في ٤ فبراير ١٩٤٢ لها أثرها ليس في تفاقم العداء التقليدي بين الوفد والقصر، ولكن في إدراك القصر لما يمكن أن ينجم من خطر شديد على نفوذه من جراء سياسة تؤيد بها بريطانيا الوفد، وقد أدى هذا الحادث إلى تراجع قيادة الوفد للحركة الوطنية.