الأسطول والجيش المصري

ترجع نشأة الأسطول المصري في العصر الحديث إلى طلب السلطان العثماني محمود الثاني من محمد علي باشا قمع الحركة الوهابية في الحجاز، فأخذ الباشا يبنى السفن في ترسانة بولاق مستخدمًا أشجار التوت والنبق وأخشاب جلبها من آسيا الصغرى، واستخدم الضباط الأتراك لقيادة هذه السفن، أما البحارة فكانوا من الفرنسيين والإنجليز واليونانيين والأتراك والعبيد، وقد اقتصر دور هذا الأسطول في البداية على نقل الإمدادات والتموين طوال سنوات الحملة (١٨١١ – ١٨١٨).

أما البداية الحقيقية للأسطول المصري فكانت في البحر المتوسط عندما تدخل محمد علي في حملة المورة (بلاد اليونان) مع مطلع العقد الثالث من القرن التاسع عشر. في هذه المرحلة اعتمد محمد علي على شراء السفن من الدول الأجنبية، وخلال حرب المورة واجه الأسطول المصري إلى جانب الأسطول العثماني في معركة نفارين أساطيل إنجلترا وفرنسا وروسيا، ورغم عدم التكافؤ في القوة وفي المستوى الفني، ورغم ترك الضباط الفرنسيين لمراكزهم في السفن المصرية فإن رجال البحرية المصرية قاموا بواجبهم في الدفاع عن شرفهم العسكري ورغم هزيمة نفارين ظل محمد علي مهتمًا بتقوية البحرية عن طريق إنشاء ترسانة الإسكندرية، وعندما بدأت الأعمال العدائية بينه وبين العثمانيين في الشام قام الأسطول بواجباته من حمل الرجال ومعاونة القوات البرية الزاحفة على طول الساحل نحو الشمال.مع صدور فرمان عام ١٨٤١ لم يصبح لمحمد علي حق بناء السفن الحربية إلا بإذن من الباب العالي ومن ذلك الوقت بدأ إضمحلال البحرية المصرية فلم تعد الترسانة تعمل بكامل طاقتها.

في عهد عباس حلمي الأول صفيت البحرية فاستغنى عن الخبراء الأجانب وسرح المصريون للعمل في سكة حديد القاهرة - الإسكندرية.حاول سعيد باشا إحياء البحرية عندما تولى حكم مصر وقام ببناء بعض السفن ولكن الدول الأوروبية تمسكت بشروط فرمان ١٨٤١ فعادت البحرية للإضمحلال من جديد.يعتبر عهد الخديوي إسماعيل عصر نهضة للبحرية المصرية في البحرين الأبيض والأحمر فقد قام إسماعيل بتدعيم الأسطول ببناء سفن جديدة مدرعة في ترسانات فرنسا والنمسا وإنجلترا، كما أعاد فتح المدرسة البحرية تحت إشراف ضابط إنجليزي (ميكلوب بك) كما شهد عصر إسماعيل البدء في استخدام وسائل الحرب الحديثة تحت سطح الماء باستعمال الطوربيدات والألغام البحرية في أبي قير ورشيد تحت إشراف خبراء أمريكيون.
مع تعرض مصر للاحتلال البريطاني ألغيت البحرية وبيعت سفنها مفككة وعهدت بالحراسة الساحلية ومنع التهريب إلى مصلحة خفر السواحل.

فى الفترة مابين الحرب العالمية الأولى والثانية عاد الإهتمام بالبحرية التجارية وأنشئت شركات ملاحية مصرية، وخلال الحرب العالمية الثانية شاركت مؤسسات مصر البحرية عسكرية ومدنية في المجهود الحربي وتحملت نصيبها من التضحية في الرجال والعتاد.مع قيام ثورة ١٩٥٢ شمل التطور السلاح البحري مثله في ذلك مثل القوات المسلحة كما كان للعدوان الثلاثي ١٩٥٦ نتائجه في زيادة الاهتمام بالأسطول البحري الحربي والتجاري،
كما تحملت البحرية المصرية دورها في الدفاع عن مصر خلال حرب ١٩٦٧ و١٩٧٣.