قناة السويس

قناة السويس هي القناة الصناعية التي تربط البحر المتوسط بالبحر الأحمر مرورًا ببرزخ السويس، وترجع فكرة حفر قناة تربط بين البحرين الأبيض والأحمر إلى أقدم العصور، وسجل التاريخ أن مصر شقت أول قناة صناعية على وجه الأرض، فقد حفر القدماء المصريين قناة تربط بين النيل والبحر الأحمر، وجرت هذه القناة حينًا وتوقفت آخر. وعندما فتح المسلمون مصر جدد عمرو بن العاص هذه القناة تنفيذًا لأوامر الخليفة عمر بن الخطاب، وعندما جاءت الحملة الفرنسية إلى مصر بقيادة نابليون بونابرت عام ١٧٩٨، فتحت صفحة جديدة في تاريخ توصيل البحرين المتوسط والأحمر حيث درس فكرة إنشاء قناة تربط البحرين، وكلف بعثة علمية لوضع دراسات هذا المشروع الذي كان العمود الفقري في برنامجه الاستعماري، وقد قامت اللجنة بثلاث رحلات إلى منطقة البرزخ، ولكن وقع لوبير في خطأ علمي هندسي قال فيه بارتفاع مستوى البحر الأبيض عن البحر الأحمر بمقدار ثلاثين قدمًا وست بوصات، مما أكد المخاوف التي ساورت القدماء من شق قناة مستقيمة بين البحرين المتوسط والأحمر.

اطلع المسيو فرديناند ديليسبس وهو في الإسكندرية على بحث المسيو لوبير عن وصل البحر واتجهت نفسه إلى تحقيق مشروع، وقد فكر محمد علي في شق قناة تصل بين القاهرة والسويس إلا أنه تراجع عن ذلك.
توقف المشروع مؤقتا أثناء عصر عباس الأول (١٨٤٨ – ١٨٥٤)، الذي عارضه بشدة واتجه فكره إلى تسهيل المواصلات عن طريق البر بين الإسكندرية والسويس بدلاً من شق ترعة ملاحية بين البحرين، ويئس ديليسبس من نجاح مشروعه على يد عباس الأول.

بتولي سعيد باشا حكم مصر استبشر ديليسبس خيرًا بنجاح فكرته، وتحقق له ما أراد فقد سار العمل في المشروع وحفر القناة إلى أن جرت فيها مياه البحر الأبيض حتى بحيرة التمساح وذلك في ١٨ نوفمبر ١٨٦٢، وإلى هذه المرحلة وصلت القناة في عهد سعيد، إذ أدركته الوفاة بعد ذلك بشهرين في ١٨ يناير ١٨٦٣، تاركًا لإسماعيل إتمام ما بدأ به، والوصول بالمشروع إلى نهايته.

افتتحت قناة السويس في ١٨٦٩، مع امتلاك الحكومة المصرية ٤٤% من أسهمها، وأدت القناة إلى تغيير الأهمية الاستراتيجية لمصر، خاصة بالنسبة للإنجليز التي توفر لها طريقًا أقصر إلى مستعمراتها الكبرى بالهند، وعندما تراكمت الديون على الخديوي إسماعيل قام ببيع حصة مصر من القناة في عام ١٨٧٥.
ظلت القناة قيد العمل كامتياز خاص حتى أعلن عبد الناصر تأميمها في ٢٦ يوليو ١٩٥٦ شركة مساهمة مصرية لتمويل مشروع السد العالي بعد سحب الولايات المتحدة والبنك الدولي مشروع تمويل بناء السد، وتعرضت القناة للإغلاق مرتين الأولى لفترة قصيرة بعد العدوان الثلاثي على مصر، والثانية بعد حرب ١٩٦٧ بين العرب وإسرائيل حتى أعاد افتتاحها الرئيس أنور السادات للملاحة الدولية في ٥ يونيه ١٩٧٥ بعد تطهيرها من آثار العدوان الإسرائيلي.