السد العالي

يقع السد العالي على بعد نحو خمسة أميال جنوب الخزان الأصلي (خزان أسوان)، وهو أهم مشروع تنموي نفذه الرئيس جمال عبد الناصر، فلقد كانت البلاد في حاجة لزيادة الرقعة الزراعية لتقابل زيادة السكان، كما أن مياه النيل لم تكن تفي بحاجات الري. ولذلك فكرت الثورة في مشروع السد العالي، وقدر رأس المال المستثمر في مشروع السد العالي ما بين ٦٩٠ مليون دولار إلى ١,٥ مليار دولار.

وترتب على عملية تمويل المشروع تداعيات عالمية ومحلية بالغة المدى لحكم الرئيس عبد الناصر، فقد اتخذت الحكومة المصرية قرارها بشأن مشروع بناء السد العالي في عام ١٩٥٤ (تعززت هذه الفكرة على يد الخبير الزراعي اليوناني أدريان دانينوس)، وتم طرح المشروع على الولايات المتحدة وبريطانيا، علاوة على البنك الدولي للإنشاء والتعمير، الذي تملك فيه هاتان الدولتان صوتًا نافذًا، على أن عدم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الولايات المتحدة ومصر حول موضوع مبيعات السلاح، وقرار مصر الناجم عن ذلك بشراء الأسلحة من تشيكوسلوفاكيا، ففي يوليو من تلك السنة انسحبت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا من الإسهام في المشروع بعد أن رفضت مصر طلبهما بالإشراف الخارجي على اقتصادها، وجاء رد فعل مصر بتأميم قناة السويس في نفس الشهر، وأعلنت أنها ستستخدم عائداتها في تمويل بناء السد العالي، وفي أكتوبر ونوفمبر ١٩٥٦ تعرضت مصر لعدوان من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا نتيجة قرار التأميم، وبعد ذلك بات تنفيذ إنشاء السد العالي، على المستويين السياسي والاقتصادي، مهمة عاجلة لحكومة عبد الناصر.

وافق الاتحاد السوفيتي أخيًرا على تقديم سلفه أولية قيمتها ٣٢٠ مليون دولار في عام ١٩٥٨، وأسهم في جميع مراحل تصميم وبناء السد العالي، وأنشأت الحكومة المصرية هيئة إدارية خاصة للإشراف على المشروع، ونتيجة لأعمال البناء في السد جرى تهجير سكان النوبة الذين كانوا قد استقروا في المناطق الواقعة شمال السد وحول كوم أمبو، وتم حل المشاكل الناجمة عن تعرض آثار أبوسمبل للغرق في البحيرة التي تقرر إنشاؤها خلف السد بمشاركة اليونسكو، حيث نظمت حملة عالمية لجمع الأموال اللازمة لرفع ثلاث معابد كبيرة ونقلها: اثنان في"أبوسمبل" ( انتقلا في ١٩٦٨)، و"معابد فيلة" (أعيد افتتاحها في موقع جديد عام ١٩٨٠). وافتتح السد العالي رسميًا في ١٥ يناير ١٩٧١، وأصبح السد العالي بأسوان يتقدم واحدة من أكبر الخزانات في العالم – بحيرة ناصر – التي تغطى مساحة ٢٠٠٠ ميل مربع.